الثلاثاء، 14 مايو 2013

المُغنى المتشرد ..!! لـ : محمد عثمان



بقلم : محمد عبد الرحمن عثمان






نعم انه المُغنى المتشرد ..
فاذا كنت من ركاب قطار  "اسماعيلية - بورسعيد" فستعرفه بكل تأكيد
واذا كنت لا تعرفه فأليك كلماتى لتعرفه  


ستجده وسط الزحام الشديد و وسط ثرثره الاصدقاء الفارغه و وسط صوت القطار شديد الازعاج و وسط نداء بائعى الشاى و ادوات المنازل و الحلوى ؛ سنجده وسط كل هذه الاشياء الكريهه التى ستفقدك معنى لذة الحياه سيأتيك صوت كروان صغير ؛سيأتيك صوت ملائكى من الجنه ؛ سيجعلك تنسى كل هذه المعاناة و سيرسم على وجهك اجمل ابتسامة و سيدخل الى قلبك من اول لحظه دون ان يستأذنك

انه حسام ابن الـ 10 سنوات من سكان مدينة القنطرة .. لا يعلم لماذا يذهب الى بورسعيد من وقت للثانى ؛ ستجده فى القطار ينتقل من جلسه الى اخرى يشدوا و يغنى بكلمات و مواويل شعبية "رغم ان هذا النوع من الغناء لا يروق لى مطلقاً" الا ان صوته الرائع و الفريد سيجعلك تسمعه و تنصت له رغماً عن انفك ليس هذا فقط بل يستطيع ان يضع بصمته على وجدانك لستُ مُبالغ فى وصفى لصوته ولكنها الحقيقه
فأول مره سمعت صوته اُعجبت بأداءه العفوى و الفطرى دون تدريب او اى شئ من هذا القبيل فأنه يغنى بتلقائية دون اصطناع يملأ اداءه احساس سيلمسك دون ادنى شك ؛ وفى وسط غناه و انت فى قمه سعادتك منه ستجد من هو يخطفه منك ليشدوا الاغانى له و لأصدقائه و هكذا يتنقل حسام من مكان لاخر يخطفه هذا و يخطفه ذاك وسط سعاده تعم عربه القطار بأكمله

ولكن عند المره الاولى التى سمعت حسام فيها لم اكتب عنه مثل هذه الكلمات ولكن ما الذى دفعنى لكتابه هذه الكلمات عندما رأيته للمره الثانيه ؟؟

"سأقول لك ما الدفاع وراء هذا"

عندما رأيته للمره الثانية ابتسمت له و اتيت به وجلس امامى كنت سأقول له غنى لى و لاصدقائى كالمعتاد ولكن قررت انى افتح معه نقاش عن حاله و حياته قبل الغناء
-ازيك عامل ايه
-الحمدلله كويس
-ها اسمك ايه بقى النهارده؟؟
-انا اسمى حسام
-منين يا حسام ؟؟
-انا من القنطره
-وبتروح بورسعيد ليه؟؟
-معرفش
-ازاى متعرفش ..بتروح تشتغل مثلاً
-لا بس و الله معرفش
-انت بتدرس يا حسام
-لا
-ليه يا حسام؟؟
-كده
-مش نفسك تقرأ وتكتب ؟؟
-اه نفسى والله بس مش بروح المدرسه
-بابا وماما فين يا حسام ؟؟
-بابا فى البيت و ماما فى مصر عشان باب طلقها

****
هنا تقاطعنا بنت صغيرة تطلب المساعده وبعض الاموال لم اعطى لها اهتمام لا اعرف لماذا -اعتقد لانى كنت مستمتع بالحديث مع حسام - الا انها طلبت منى مره اخرى فقولت لها "الله يصلح حالك" لماذا قلت هذا ؟؟ لا اعرف
وفجأه وجدت حسام الطفل صاحب كل هذه المعناة و صاحب الجسم النحيل و الوجه المرهق من كثره التعب يعطيها "نصف جنيه" من بعض الجنيهات القليله الممسك بها بيده .. وسط اندهاشى و انبهارى بما فعله وجدت عقلى يقول "كيف فقير يعطف على فقير مثله ؟؟" من اين اتى بهذه الروح ؟؟
ولكن عرفت وقتها انه لا يشعر بمعاناة الفقير سوى الفقير مثله

وسط تفكير عميق فيما فعله حسام مع البنت الصغيرة قاطعنى بصوته المميز وقال "اغنيلك ؟؟"
فأبتسمت وقلت له غنى يا حسام :)

والسؤال الان ..؟؟
هل حسام هو المتشرد ام نحن المتشردون ..؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق